نتحدث اليوم عن موضوع تأثير المكون العطري على أداء العطر و هل هناك مكون عطري معين يجعل العطر ثابت و فواح؟ حيث وردتني رسالة من الأستاذ نائل فريج من الأردن، يقول فيها: أبحث منذ فترة عن موضوع يتناول تأثير كل مكون عطري على أداء العطر ولكني لم أجد.
و في ضوء سؤال الأخ الكريم، يمكنني تفصيل السؤال على النحو التالي: هل وجود بعض المكونات العطرية المحددة قد يعرفنا بأن العطر سيكون صباحي منعش أو مسائي غامض؟ هل وجود بعض المكونات العطرية المحددة في عطر ما يعتبر قرينة على أنه سيكون ثابت و فواح؟
أولا: بلى. هناك بعض المكونات العطرية – كقاعدة عامة – تعتبر نموذجا مثاليا للعطر المنعش، مثل البرغموت و الليمون و اليوسفي و البرتقال، و الريحان و اللافندر و الطرخون و النعناع. لكن ليس كل عطر يحوي تلك المكونات منعشا، أو صيفيا أو حتى مناسبا لفترة الصباح. لماذا؟ لأنك لا تعرف بالضرورة قبل التجربة المقدار الذي بنى عليه هذا العطر من هذه المواد العطرية. ففي واقع الأمر هناك كثير من العطور الثقيلة تدخل فيها تلك المواد لتخفف من وطأة باقي المكونات الثقيلة كالأخشاب العطرية و التوابل. و العبرة في هذه الحالة – كقاعدة عامة ترد عليها إستثناءات – بالتصنيف الرئيسي الذي يتبعة العطر و المعروف بإسم العائلة العطرية. مثلا يصعب أن تجد عطر “أروماتك أكواتك” ثقيل و قاتم! إذ غالبا تجد العطور التي تتبع هذا التصنيف، تميل للطابع الخفيف المنعش. و على النقيض يصعب أن تجد عطر “تابلي خشبي” يناسب الصيف و الفترة الصباحية و إن وجد ضمن مكوناته جميع أنواع الحمضيات و الموالح و السرخسيات التي قد تخطر ببالك!
ثانيا: من الناحية النظرية، هناك بعض المكونات بحكم طبيعتها و قوة رائحتها تعتبر إشارة واضحة على أن العطر سيكون ثابت و فواح. مثلا الأخشاب العطرية كالصندل و العود و أخشاب الأرز (السيدار) و التوابل كالفلفل و جوزة الطيب و الحبهان… إلى آخر قائمة التوابل التي تجدها في محلات العطارة الهندي! لكن ليس بالضرورة أن تجد العطر الذي يحوي هذه المكونات ثقيلا كاتما أو حتى ثابت فواح! فأنت لا تعرف المقدار الذي أضافه العطرجي من هذه المكونات العطرية للعطر، و لذلك يجب الرجوع إلى التصنيف العام الذي يتبعه العطر (العائلة العطرية). مثلا غالبا تجد العطور التي تندرج تحت تصنيف العطور الخشبية أو التابلية أو عطور الأخشاب و التوابل، أقول غالبا تجدها ثقيلة و ثابته و فواحة و تناسب فصل الشتاء و السهرات الخارجية. لماذا؟ لأن هذه هي طبيعة الأشياء. ضع مثلا مزيج من التوابل الطازجة (المطحونة حديثا) في علبة المطبخ، ثم افتحها بعد ساعة و أنظر ماذا ترى! ستجد دفقا من الرائحة ينهال على أنفك بمجرد فتح العلبة أو العبوة. على عكس مثلا نصف ليمونة موضوعة داخل البراد!
ثالثا: هل كل العطور التي تحوي الأخشاب و التوابل و الصموغ العطرية بكثافة ثابتة على الملابس؟ الإجابة في أغلب الأحيان نعم.
رابعا: هل كل العطور التي تحوي الأخشاب و التوابل و الصموغ العطرية فواحة لمدة كافية تجعل الناس تعرف بحضوري قبل دخولي المكان؟ أو بعد خروجي من المكان؟ الإجابة لا. لماذا؟ لأن هناك عوامل أخرى تحكم مسألة فوحان العطر. مثلا هناك مواد طبيعية و صناعية تضاف للعطر تعزز من فوحانه، كما أن كمية الزيت العطري المضافة للعطر تلعب دورا مهما أيضا.
هناك مواد مثل الكومارين و التي تجدها – على سبيل المثال لا الحصر – في مكون طبيعي كبقول التونكا، أصبحت تستخدم بكميات أقل عن ذي قبل في صناعة العطور، و كذلك الطحالب التي تنمو على بعض الأشجار الأوروبية و المتوسطية، صارت تستخدم على نطاق ضيق! هذه المكونات كانت تعمل على تعزيز الرائحة و فوحانها.
أيضا و هذه هي النقطة الأكثر فداحة، أن كثير من المكونات الحالية و إن كانت طبيعية، لم تعد فواحة كما كانت! مثلا: كثير من الأزهار الأن التي تشتريها أو تجدها في الحقول الأوروبية، أصبحت بلا رائحة! أو أن رائحتها صارت خافتة!
القهوة مثلا! هل مازالت رائحة القهوة البرازيلية أو المكسيكية أو الكولومبية قوية كما كانت في القرن الماضي؟! أنا واثق أن كثير من عشاق القهوة البرازيلية قد لاحظوا ذلك في السنوات العشر الماضية! أذكر أنني كنت أشم رائحة القهوة تنساب إلى أنفي بمجرد فتح باب المنزل و قبل صعودي درجات السلم، و أعلم أن والدتي – رحمها الله – كانت تعد قدحا من القهوة! حاليا أذهب للمقهى و لا أجد رائحة القهوة في المكان! الأن يجب أن أدس أنفي في علبة القهوة لأجد رائحة خافتة لا تشبه تلك الرائحة الشهية الغنية التي كنت أعرفها قديما!
المانجو كمثال آخر. كم مرة أشتريت مؤخرا تلك المانجة برتقالية اللون و وجدت رائحة كريمية شهية تنبعث منها كما كانت فيما مضى؟ في مصر كانت هناك أصنافا من المانجة العويسي و الألفونس و الزبدية.. جميعها كنت تشم رائحتها بمجرد دخولك لسوق الفواكه! الفراولة نفس الشيء. منذ سنوات لم أجد أي من تلك الروائح الشهية كما كانت في الماضي. بالطبع ستجد من يقول “أختلف معك، فقد أشتريت الشهر الماضي مانجة أو فراولة و كانت رائحتها قوية” و طبعا ردي هو كم مرة يحدث ذلك و هل في كل المتاجر تجد تلك النوعية الممتازة!
ما سبق ليس مجرد ملاحظات شخصية، بل هناك بعض الدراسات اليابانية حول موضوع متعلق بهذا الأمر. إذ يدرس العلماء تأثير اختفاء الروائح الطبيعية على سلوك النحل و حياته! الأمر ليس مجرد إنطباع شخصي يا أحباب.
في أوروبا و أمريكا تعكف الشركات على تطوير بذور نباتات و أزهار مقاومة للحر و الأفات الحشرية و الفطرية، و الهدف توفير الحاصلات الزراعية بكميات هائلة و على مدار العام. لكن ما هي الكلفة الفعلية؟ طماطم بلا طعم و بلا رائحة! فواكه بلا طعم و بلا رائحة! أزهار بلا رائحة لا تجذب النحل إليها! فما هو هذا المستقبل الذي ستختفي فيه الروائح و معه النحل الذي يخرج من بطنه ذاك الشراب الطهور، ذاك النحل الذي يلعب دورا رئيسيا في تلقيح كثير من الأزهار و النباتات!
الخلاصة:
بالعودة للموضوع الرئيسي، أقول إذا كنت تبحث عن عطر صيفي منعش، فلا تهتم كثيرا بالثبات و الفوحان، و إذا كنت تبحث عن عطور ثابتة و فواحة فعليك بـ عطور النيش التي تحوي قدرا كبيرا من الزيت العطري و تحوي مكونات ثقيلة كالأخشاب العطرية و التوابل و الصموغ العطرية. (مثل عطور مونتال، مانسيرا، سوسبيورو، زيرجوف و غيرها)
ملحوظة:
طبعا قد تجد عزيزي القاريء بعض الإستثناءات الواردة على ما تقدم. إذ أن عبارة “قاعدة عامة” معناها أنه قد ترد عليها بعض الإستثناءات. و نحن هنا نتحدث عن القاعدة العامة لا الإستثناءات.
شكرا جزيلا لك أستاذي الكريم على المقال وان شاء الله يكون فيه الافادة للجميع.
حياك الله أخي الكريم
مقال رائع جزاك الله خيرا
معلومات قيمة…. وهذا كما ذكرت واقع ملموس.. بل إن شئت فقل قلة البركة!!
نسأل الله التوفيق
كلام دقيق
وفي غاية الاهمية
وفعلا قد تغير كل شي ولكن هل هو الواقع البيئي ام عوامل اخرى !!؟
لذلك فان اصعب معادلة في العطور هي خلق عطر صيفي بااارد منعش وفوووواح
اول اسم يحضرني وقد نجح بامتياز الور سبورت
عطور دي مارلي حققت المعادلة في عطرين دارلي وبرسيفال
كريد ماونتن سيلفر ايضا حقق المعادلة مع حدة قليلة بسبب المسك
أحسنت يا بروف
مقال جميل اخي نور واكيد نتفق معك في كل ماسرد واضيف ايضاً التلوث البيئي صار عالي اذكر اني جربت عطر فرساتشي ايروس في دولة اخرى غير دولتي وكانت صراحة مفاجاة فرق كبيير جداً المشكلة في المناطق ذات التلوث البيئي العالي يصبح العطر عديم الرائحة والواحد يبدا على طول يشكك في العطر انو مضروب يعني لافوحان لا غيرو باختصار ياجماعة الجوء بيلعب دور كبير في اداء العطر
شكرا جزيلا استاذ نور على هذا المقال الثري والشكر الجزيل على كافة جهودك لانشاء هذا الموقع والحفاظ عليه نشيطا مستمرا وكل الأخوة الأعضاء اللذين ساهموا في التعليق على كافة موضوعات الموقع أنا عضو قديم جديد بمعنى أدق كنت متابع يومي للموقع ولكن لم أقم يوما بالتعليق والمشاركة ولكن وجدت أنه من الضروري أن أشارك بايجابية لسببين الأول أنني استفدت كثيرا جدا من هذا الموقع ومن تعليقات ومشاركات الأعضاء على مر سنوات وسنوات واستطعت في أوقات كثيرة توفير أموال باهظة كنت انفقها لشراء العطور واكتشف أنها لا توفر مزاجي الشخصي ومنذ سنوات بعيدة وبعد ان عرفت الموقع بدأت أعتمد كليا تقريبا على الموقع وما يكتب فيه من أراء وتجارب للأعضاء والسبب الثاني الذي دفعني للمشاركة هو ضرورة دعم الموقع حتى يستمر في تقديم رسالته الرائعة بالإضافة إلى توصية الزملاء والأصدقاء بمتابعته وفي النهاية وبكل أمانة لا يوجد على شبكة الانترنت أي محتوى عربي مماثل لموقع عطر دوت انفو بل إن المحتوى الغربي بأكمله لا يوجد به مصداقية تماثل ماينشر هنا من تحليل ونصائح لذا فالشكر موصول للجميع وأتمنى قبولي كأحد أفراد الموقع الإيجابيين بإذن الله
بارك الله فيك أخي الحبيب، أكثر الله من أمثالك. جزاك الله خيرا و نفع بك و دمت سالما.
مقال جميل ومجهود تشكر عليه استاذ نور .
احيانا عطور ديزاينر مثل انفيكتوس ليجيند تحقق ثبات وفوحان فخم جدا سواء في الصيف او الشتاء بالرغم من المكونات المنعشة نفس الامر مع عطر ون مليون لكن فقط بالشتاء لقوة نوتته القرفة ….
واحيانا عطور مثل كوروس او جايبور من بوشيرون او انكر نوير من االيلك ملوك الثبات والفوحان
اجد اني لا استشعر هذه القوة لهذا العطر عمليا
فالمكونات صيفا قاتلة ، ولكن في الشتاء رائحة قوية ولكن تشعر انها تشبه كنزة الصوف او جلد طبيعي للسيارة او روائح الطبخ ، لا ادري ان فهمتم قصدي ، المهم هي رائحة غير لعوبة تثير الاحساس .
احيانا افضل على هذه العطور ، عطر زارا رقم ٩ الرخيص لكن بالرغم من اداؤه المتوسط ، لكن اشعر اني اشتم عطر مفرح ولعوب
فيرزاتشي ايروس و بلو دي شانيل كذلك الامر متعه