الفرق بين عطور التعبئة (التركيب) و العطور الأصلية

ما الفرق بين عطور التعبئة (التركيب) و العطور الأصلية؟

وردني السؤال التالي من أحد متابعي الموقع:

“أستفسر عن مشروع تعبئة العطور (تركيب العطور) حيث أنني أسست مشروع صغير له.

طبعاً الزيوت الخام أنا واثق أنها مستورده من مصانع كبيرة في أوروبا، لأن لي صديق يعمل في بيع الزيت الخام، و سافرت معه في رحلة إلى كلا من ألمانيا و إيطاليا و سويسرا، و ذهبنا إلى مصانع كبيرة و فخمة لصناعة الزيوت العطرية، و عجبتني الفكره و لكن ليس لدي المقدرة المالية لفتح نفس النشاط، فنصحني بمشروع التعبئة وهو شراء المواد زيوت العطور و المواد الخام وتعبئتها! وطبعا أنا لم أجزم أن الروائح هي نفسها الأصلية، لأني لم أجرب العطور الأصلية، و لكن أجزم بأن الثبات عالي جدا و الفوحان طبعا يحدده نوع العطر، لأن هناك عطور فوحان عالي و أخرى خفيفة، و ناعمة، كما أني تقريبا بعت حتى الأن ما يقارب 140 زجاجة عطر مركب على الأصدقاء و الأقارب و الحمد لله أشادوا بالثبات و الفوحان، كما أني تأكدت أن ما في أي واحد أستخدم العطور و أصيب بأى نوع من الحساسية.

فهل العطور التعبئة لا تفرق عن العطور الأصلية إذا كانت الزيوت جيدة؟

لأن طبعا السعر فيه فرق كبير و هذا شئ طبيعي لأن العبوة و الكارتونة و الدعاية ليست بمقارنة شركات العطور الكبيرة. كما هناك أشخاص أشتروا مني و قالو نفس الريحة ما تفرق عن الأصلية و ناس أخرى قالوا في شوية فرق بس الرائحة رائعة.

فما رأيكم أنتم و إذا لدى أحد أي خبرات أرجو أن يفيدني”

شكرا لصاحب السؤال على ثقته بموقع عطر دوت إنفو و متابعته، و نرجوا منه استخدام اسمه الحقيقي (لا الاسم التجاري) في التعليقات و المراسالات.

للإجابة على السؤال أو الاستفسار أو الاستيضاح، اسمح لي أولا: أن أقف عند بعض النقاط، حيث تقول أنك زرت أنت و صديقك مصانع كبيرة و فخمة لصناعة الزيوت العطرية! فهل هي نفس المصانع التي تنتج عطور العلامات التجارية الشهيرة؟ يعني ما أسم تلك المصانع؟ هل مثلا زرت مصانع كوتي في فرنسا؟ أنطونيو بودج في اسبانيا؟ مصانع استي لودر في سويسرا؟ هل زرت مصانع إنتربارفام في فرنسا؟ هل زرت مثلا مختبرات العطور مثل فيرميش أو جيفودان أو مختبر أي إف إف؟ تلك هي المصانع و المختبرات (و غيرها من العلامات التابعة لذات المصانع و المختبرات) التي تنتج ٨٠% تقريبا من العطور الأصلية حول العالم. فما هي أسماء المصانع التي زرتها؟ و هل هي التي تشتري منها الزيوت العطرية أم أنك ستشتري من صديقك الذي يشتري من مصدر أرخص؟

ثانيا: اسمح لي أن أقول لك و بكل صراحة أن كثير البشر لا تفرق معهم أصلي من غير أصلي طالما السعر رخيص و العطر ثابت و فواح! بل أن هناك البعض من حديثي العهد بالعطور يشترون عطور “نيش” سيئة الرائحة بكل مقياس من مقاييس الطيب (التي تفرض أن تكون الرائحة لطيفة مبهجة) و تجدهم يمدحونها، رغم أن الرائحة في حقيقتها ليست إلا رائحة القش (التبن) المبلل و طحالب المياه الراكدة!

ما أقصده هو، أن رأي كثير من الناس في هذا العصر ليس مقياس يقاس عليه جمال الرائحة، بل أن رأي كثير من الناس في هذا العصر ليس مقياسا للحكم على شخص أو مبدأ أو توجه، ولا أقرب من النموذج الأمريكي في الحياة و الغناء و الملبس و المأكل – الذي تبنته معظم الشعوب الأن و تقلده – إلا مصداقا على كلامي. كثير من الناس للأسف استحسنوا القبح و صار الرجل المهذب الخلوق مدعاة للتهكم! فكر بها و أعقلها، أي خبرات شمية لدى كثير من الناس اليوم تؤهلهم للحكم على طيب عطر أو قبحه؟ طالما صار الكاري الهندي و التبن المبلل، و القش و الطحاب المائية و رائحة الأسفلت و الكاوتشوك من مكونات العطور! بالطبع هناك أيضا كثير من الناس الذين يتمتعون بحاسة شم جيدة و حس و ذوق عطري رفيع. لكن أنظر مثلا للسينما، من هو البطل الأن في أفلام السينما؟ الشبيح و البلطجي أو رجل الأعمال الفهلوي الذي يسرق الأموال، أو المرأة اللعوب التي تخدع الرجال؟ أو الشاب العاطل الذي يتزوج سيدة جميلة ثرية و يعيش على أموالها؟ هذا هو النموذج الذي تقدمه السينما منذ سنوات! مثلا من رئيس الحكومة المحبوب في معظم البلاد الأن؟ الطيب الخلوق أم الشديد الفظ الغليظ؟ فكر بها، هل رأي كثير من الناس بهذه الطريقة يعتبر دليلا على الحسن أو القبح؟ و أنا في كلامي هذا لا أتحدث عن البلاد العربية فقط، بل بوجه عام من واقع تعاملاتي مع عرب و أجانب، ولا أخص دولة أو شعب بعينه.

و في نفس السياق أقول، أن كثير من الناس لا تبدي أي إنزعاج هذه الأيام من الراوائح الصناعية الموجودة مثلا في معطر السيارة الجاف (تلك الرقعة الخضراء أو الصفراء التي تعلق داخل السيارة) و لا تسبب لهم أي شكل من أشكال الصداع أو الضيق، على عكس ما يحدث للناس التي لديها أنف حساس. و إن سألت كثير من الناس هذه الأيام ما رأيك في تلك الرائحة داخل السيارة، سيقول لك: أي رائحة؟! أو إذا تنبه لها سيقول ياسلام .. رائعة!!

ثالثا: من الجيد أن تكون هناك منتجات رخيصة لمن أراد، و أن تكون هناك منتجات غالية لمن أراد، و طالما كثير من الناس على أية حال فقدوا المقدرة على التمييز بين الحسن و القبح، فلا بأس!

ما سبق هو رد عام لعله لن يعجبك و لن يعجب كثير من الناس، أما الرد الذي لعلك تبحث عنه فهو كتالي:

إجابة سؤال ما هو الفرق بين العطور الأصلية و عطور التركيب

توجد إختلافات في الرائحة و وقعها في النفس، لعل مرجعها إختلاف مصدر الزيت العطري

الاختلاف بسبب عملية إضافة المكونات للزيت العطري من مزيبات و خلافه

تختلف النسب و الكميات المستخدمة و التقنيات

معدات التصينع و جو المختبر و بعض الأمور الفنية التي غالبا تغيب عن صاحب تجارة تعبئة العطور

التوضيح:

من واقع تجربتي، مهما كانت نسبة التشابه، مازالت توجد إختلافات في الرائحة و وقعها في النفس، لعل مرجعها إختلاف مصدر الزيت العطري، أو (بفرض أن كان المصدر واحد – الأصلي و التركيب) ربما يكون الاختلاف بسبب عملية إضافة المكونات للزيت العطري من مزيبات و خلافه، فلعلك لا تقارن صانع عطور تركيب خريج ثانوية أو معهد أو كلية تجارة، بخبير عطور فرنسي خريج مدرسة عطور أو كلية كمياء و تخصصه الدقيق الروائح و العطور و توليفها! حتما ستكون هناك فروق، و لو تشابهت كل المكونات، فقد تختلف النسب و الكميات المستخدمة و التقنيات. أضف لكل ما سبق معدات التصينع و جو المختبر و بعض الأمور الفنية التي غالبا تغيب عن صاحب تجارة تعبئة العطور.

حدث مثلا أن كنت في سيارة صديق و كان يستخدم عطر تركيب (في الواقع حدث ذلك أكثر من مرة مع أكثر من صديق) فوجدت رائحة نفاذة مزعجة فسألته ما هذا، فكان الرد أنها تركيبة لعطر كذا أو ذاك! صراحة و في كلمة واحدة “صداع” مستمر، و كم تمنيت أن تقصر المسافة حتى أترجل من السيارة و أغادرها بغير عودة! اللافت للنظر أنه بقدر إنزعاجي من الرائحة، تجد الصديق منسجما منشكحا و على وجهه إبتسامة ثقة لا أعرف لها سببا!

نعم هناك نسبة تشابه بين رائحة التركيب و الأصلي، لكن لا يوجد أي تطور في رائحة العطر، رائحة صناعية قوية مستمرة و مستفزة، يسميها خبراء العطور رائحة خطية، بمعنى أنها تستمر على ذات المنوال طوال الوقت، لا تداعبها نسمات الريح، و لا تخفت و تعلوا، هي هناك و فقط هناك طوال الوقت! تماما مثل رائحة معطر السيارة الصناعي أو مستحضرات تنظيف الملابس (ليس المقصود تشابه الرائحة، و لكن حدة الرئحة و استمراريتها على نغمة واحدة مفردة). سبق و جربت تركيبة متقنة الصنع لعطر كلايف كرستيان رقم ١ و بما أنني لدي عبوة أصلية قارنت الإثنين. نعم يوجد تشابه لكن ليس تطابق، كما أن الأصلي ثابت لست أو ثمان ساعات، بينما المقلد ثابت لساعتين أو ثلاثة. طبعا الفرق في السعر خرافي، فهل أستبدل هذا بذاك؟ لا طبعا، فالأصلي و بحق تحفة فنية و توقيع و بصمة عطرية.

و على كل حال، و أما و قد صارت نسبة التشابه كبيرة (على حد قولك) و لما كان كثير من الناس لا يفرق معهم طعم الخيار المخلل بالملح و الماء لفترة طويلة، عن طعم الخيار المخلل بالخل و الملح و الماء لفترة قصيرة، أو لا يفرق معاها طعم اللحم البقري المفري الصافي عن طعم اللحم البقري المفري الممزوج بالفول الصويا، فخلاص ما راح تفرق رائحة عطر تركيب عن عطر أصلي!

و طالما أنت متأكد أن مصدر الزيوت العطرية جيد و يراعي معايير السلامة الصحية، و كانت الرائحة طيبة، و السعر أيضا رخيص، فما المشكلة! لعل هذا يمكن من لا يستطيع شراء عطر غالي أن يشتري الأن عطر رخيص. هذا شيء جيد على ما أعتقد و لا أعتقد أن أحدا يعارضه.

هناك نقطة أخيرة لا أفهمها، وهي لماذا يصر بائعي العطور التركيب على ربط أسماء العطور التي يبيعونها بأسماء علامات تجارية مشهورة! ألا يعتبر ذلك من باب الخداع و الغش؟ لماذا لا يطلقون أسماء جديدة على العطور التي يبيعونها و إن تشابهت إلى حد ما في رائحتها مع عطور أصلية؟ مثلا عطر المحبة، عطر الوفاء، عطر أم لالو و هكذا. و لماذا تجد بائعي العطور التركيب يتابعون مواقع تجارب العطور الأصلية؟ كيف سيفيدهم هذا؟ هذا شيء و هذا شيء آخر، هذا منتج و ذاك منتج آخر، التعليق المبني على تجربة عطر أصلي حتما سيختلف عن التعليق المبني على تجربة عطر تركيب و لو كان هناك تشابه في الرائحة. الأداء مختلف، التأثير النفسي مختلف (وقع العطر في النفس).

و ختاما لعل الأخوة متابعي الموقع ممن لهم خبرة في هذا الشأن أن يعلقوا على الأمر بشكل أوسع و أدق. و أتمنى لك و للجميع التوفيق.

** إدارة الموقع: تنويه: يجب أن تخلوا جميع التعليقات من الإشارة لأي تاجر أو أسماء علامات تجارية بغرض الترويج التجاري. و لا يجوز استخدام أسماء مستعارة تحمل أسماء علامات تجارية أو أسماء محلات أو تجار. أي تعليق مخالف لن يتم نشره.