لماذا نشتري العطور؟

لماذا نشتري العطور؟

مع نهاية صيف سنة 1984م كنت أقف بميدان التحرير منتظرا قدوم الأوتوبيس (رقم 13 – الفلكي – الزمالك) ليحملني إلى آخر شارع أبو الفدا بحي الزمالك بمدينة القاهرة حيث كانت تطل كلية التجارة وإدارة الأعمال جامعة حلوان “والمعروفة وقتها وربما للآن باسم كلية التجارة الخارجية” على فرع النيل في مواجهة حي امبابة ومنطقة الكيت كات.

 يا لروعة هذا الشعور والإحساس .. إنها أول سنوات دراستي الجامعية.

وما هي إلا أيام قليلة إلا وكانت هذه الكلية الحديثة وقتها، الدقيقة في نظامها، والسريعة جدا في الأداء العملي قد قامت بتوفير جميع الكتب دفعة واحدة وبيعها لطلاب الفرقة الأولى والبالغ عددهم 1100 طالبا، من خلال منفذ بيع خاص بالكلية في مقابل مبلغ 55 جنيها فقط لا غير. وتم توزيعنا على أماكن المحاضرات والسكاشن المختلفة.

وذهبت لحضور أول سكشن قاطعا شارع البرازيل بحي الزمالك المظلل بأغصان الأشجار العالية الملتفة حول بعضها حتى وصلت إلى ناصية شارع حسن صبري حيث يقع مبنى البريد التابع للكلية. وجلست لأستمع إلى أول محاضرات مادة الإقتصاد وكنا ندرسها باللغة الإنجليزية، وكان تحت عنوان Supply and demand أي العرض والطلب.

ولا أزال إلى يومنا هذا أذكر المقطع الأول من هذا الموضوع والذي كان نصه:

(every body want to have anything he wants and anything he needs, but our incomes are limited)

أي أن كل واحد يريد أن يحصل على كل ما يريده وكل ما يحتاجه، ولكن دخولنا محدودة.

وتعد هذه العبارة هي المدخل الإقتصادي لتحليل ودراسة الصراع الأبدي الأزلي بين الاحتياجات والإمكانيات، على المستوي الفردي والعام أيضا. وهذه العبارة تصدق علينا جميعا؛ فإنه مهما بلغت دخولنا فهي بالتأكيد محدودة، وحتما هناك لارتفاعها سقف معين.

والسؤال الذي أحب أن أطرحه على شخصكم الكريم أعضاء وعضوات هذا المنتدى العطر بكم على الدوام. لماذا اخترت أن تنفق جزءا من دخلك (كبر أو صغر) على شراء العطور تحديدا دون غيرها من الأشياء؟

خاصة وأنها تصنف في نطاق عالمنا الإقتصادي على أنها من سلع الكماليات والترفيه وليست من السع الأساسية، حتى أن البعض قد ينظر إلى الإنفاق على العطور على أنه نوع من الإسراف وربما التبذير. بنظري.. الموضوع له أبعاد كثيرة (اجتماعية – اقتصادية – نفسية – بيئية – تربوية – ثقافية – وشرعية أيضا – و….)

قد تنظر إلي الموضوع من خلال واحد من هذه الأبعاد أو ربما تتعداه إلى عدد منها. وقد يتسع مجالك الفكري ليشملها جميعا، بل ولربما ضممت إليها معايير ودوافع وأبعاد أخرى.

بانتظار آراءكم ومساهماتكم وتعليقاتكم، التي حتما ستساهم في التعريف والتأسيس لهذا النوع من الثقافة الذي لا يحظى بالكثير من الاهتمام والتناول والبحث في مجتمعاتنا العربية

والسلام عليكم ورحمة الله . أبو عبد الرحمن