عطر لا مثيل له

عطر لا مثيل له

إنه عطر لا يستطيع أن يبتكر مثله كل أخصائي العطور و لو إجتمعوا له لأن مكوناته لا يوجد مثيل لها في الدنيا ..مهما إستخدموا من أكثر المواد نقاوة و ندرة فلن ترقى لمكوناته أبداً.. عطر لا يوصف بالثبات و لكن بالخلود – فهو عطر لا ينتهي او تختفي رائحته أبداً – أما الفوحان فرائحته يمكن شمها من مسيرة أربعين عاماً و قيل قد تصل لمسيرة خمسمائة عام ..أما ثمنه فلا يستطيع أحد تقييمه لأنه لا يقدر بمال.
إنه عطر الجنة الذي أعده الله لعباده المتقين .. عندما ندخل مكان طيب الرائحة في الدنيا فذلك يجعلنا نرغب في البقاء به فما بالك بدار النعيم .. نعيم خالص لا ينتهي و لا يعكر صفوه أي شيء مكان تتفرغ فيه للنعيم فقط و لا يشغلك عنه شيء..

كل شيء في الجنة معطر بأروع أنواع العطور الطبيعية لذلك تعتبر رائحتها التي تفوح خارج أبوابها إلى مسيرة أربعين عاماً نعيم في حد ذاته ..فما بالك بالرائحة التي يشمها من يدخلها؟ بعض المحرومين من الجنة  – و العياذ بالله – محرومين حتى من شم رائحتها فقد ذكر أكثر من مرة في الأحاديث النبوية ان هناك من لا يدخلون الجنة و لا يجدون ريحها و كأن حجب رائحة الجنة الجميلة عنهم هو من ضمن عقابهم .

عطر الجنة هو مزيج من روائح محتوياتها الرائعة فترابها من الزعفران و حصاؤها الؤلؤ و المرجان و قصورها مبنية من لبنات ذهبية و فضية يلصقها ببعضها البعض ملاط من مسك .

أنهارها المتعددة تعطي عطراً أخاذاً يتكون من مزيج روائح العسل واللبن و الماء و الخمر و هي روائح تستخدم في عطور الدنيا ولكن لا تقارن بها في شيء.

سكانها لهم عطرهم الخاص لأنهم معطرون بطبيعتهم دون حاجة لإرتداء عطر فعندما يأكلون لا يبولون و لا يتغوطون و لكن ترشح أجسامهم كما نعرق نحن في الدنيا مع الفارق الكبير فهم لا يرشحون عرقاً بل مسكاً و كما خص الله المرأة بقيود على التعطر في الدنيا و نهاها ان تخرج متعطرة يجد رائحتها الرجال فقد خصها في الجنة بعطر أخاذ يفوح لما بين السماء و الأرض ( لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما، ولملأت ما بينهما ريحا، ولنصيفها – يعني الخمار – خير من الدنيا وما فيها). صحيح البخاري و في مواضع أخرى (لملأت الأرض ريح المسك)

أهل الجنة تستقبل أرواحهم عندما تفيض إلى بارئها بالريحان و عندما يدخلون الجنة يستمتعون بروائحها المتعددة و أيضاً الروائح الفاكهية الرائعة لثمارها الشهية فقد أجمل الله عز وجل أنواع هذه الفاكهة في عبارة “من كل فاكهة” و أيضاً ” من كل الثمرات” أي أن جميع أنواع الفواكه و الثمار موجودة في الجنة ما علمنا منها و ما لم نعلم أي أن بساتين الجنة هي مزيج رائع من كل النوتات الفاكهية العطرية بجميع أنواعها و قد فصل الله بعض هذه الأنواع في كتابه العزيز للتشويق و الترغيب مثل الرمان والنخيل و الأعناب.

 

حتى شراب أهل الجنة منكه معطر فذكرالله أنهم يشربونها في كؤوس مزاجها كافوراً و في موضع آخر مزاجها زنجبيلاً و أيضاً يستمتعون بشراب حلو ختامه مسك ” يسقون من رحيق مختوم* ختامه مسك”

 

فعطر الجنة لا يضاهيه أي عطر في الدنيا مهما كان في تنوعه و جماله و فوحانه و أثره الطيب على النفس و في مطلع رمضان فنسأل الله الجنة و كل ما قرب إليها من قول أو عمل و نعوذ به من النار و كل ما قرب إليها من قول أو عمل.