مقابلة مع العطرجي الإيطالي الشهير لورينزو فيلوريسي
منذ رحلته الأولى إلى الشرق الأوسط في عام 1981، طور لورينزو فيليوريسي Lorenzo Villoresi شغفه للتوابل و المكونات العطرية التي سيستخدما، عند العودة إلى إيطاليا، ليؤلف عطورا شخصية مميزة. و في نفس الفترة الزمنية بدء لورينزو فيلوريسي دراساته حول صناعة العطور، و استخلاص مكوناتها، وطرق التقطير، و جنبا إلى جنب مع ممارسته للعمل الأكاديمي كباحثة في الفلسفة القديمة، أصبحت المكونات العطرية و العطور الشغف الحقيقي لدى لورينزو فليلوريسي الذي راح يتلقى من يومها و حتى الأن طلبات متزايدة على عطوره الحصرية المميزة.
اليوم نقدم لكم نص الحوار الذي كنا قد أجريناه مع السيد / لورينزو فيلوريسي ، أحد أشهر عطرجية إيطاليا و صاحب الإبداعات المتميزة في عالم العطور.
نور زكي: – أولا وقبل كل شيء، نود أن نعرب عن امتناننا العميق لقبولك منحنا هذه المقابلة . إنه لشرف عظيم وامتياز أن نكون قادرين على معرفة المزيد عن واحد من أبرع عطرجية إيطاليا و أكثرهم إبداعا في تاريخ العطور.
لورينزو فيلوريسي: شكرا . كل الامتنان لي.
نور زكي: – لقد درست وسافرت على نطاق واسع إلى الشرق الأوسط – و كما تعلمون، فإن مدونتنا “عطر دوت إنفو” هي أول مدونة عربية متخصصة في العطور – كيف ترى تأثير زيارتك للشرق الأوسط على الابداعات العطرية الخاصة بك ؟ كم من عطورك بها مكونات شرقية، أو كانت مستوحاة من الوقت الذي قضيته هناك؟
لورينزو فيلوريسي: بدأت مغامرتي بالكامل في عالم العطور خلال رحلاتي في الشرق الأوسط عندما اشتريت أول مرة التوابل و المكونات العطرية الأساسية من الأسواق و بدأت في مزجها أول الأمر كهواية، و التي سرعان ما أصبحت شغف و مهنة في وقت لاحق. الآن نشعر بالعالمية و تعدد الثقافات ، ليس فقط في اختيار أسماء العطور ، ولكن أيضا في اختيار المكونات و في اختيار المواد العطرية. على الرغم من أنه صحيح لدينا بعض الجوانب المستلهمة من الشرق الأوسط ، ليست الثقافية فحسب، التي ترتبط بموروث ألف ليلة وليلة ، و الأجواء العربية السعيدة و المكونات الأسطورية من تقاليد الشرق الأوسط، ولكن أيضا في الاختيار. على سبيل المثال ، تقديم العطور في هيئتها الزيتية (المركزة) بين منتجاتنا العادية ، و الحب لرائحة البخور و المباخر – المصنوعة من مواد مختلفة ، و الرغبة التي لدينا للمستقبل لتطوير العطور المركزة و البلسم الخاص لإثراء مجموعتنا العطرية، وبالطبع بعض العطور مثل دلمون، بيبر نيغرم، ألاموت وغيرها مستوحاة من تقاليد (أجواء) الشرق الأوسط، و بالإضافة إلى جانب أجواء الشرق الأوسط ، فهناك ما هو أكثر كنمط الحياة في الشرق الأوسط و القيام بالأمور التي أثرت و أوحت لي : طريقة العناية بالشخص الفردي، و كرم الضيافة ، والرغبة في اضفاء طابع شخصي قدر الإمكان على العطر الفردي، و أجواء الترحيب الدافئة – و المقابلة تماما للأجواء الباردة الغير شخصية الاعتيادية في معظم متاجر عطور الدول الغربية – كذلك الرغبة في تعطير كل شيء حتى السجائر و التبغ ، وحتى المياه الموجودة في الشيشة (النرجيل)، و الحسية (الشهوانية) في استخدام المكونات العطرية الخام ، مهما كانت ، من خشب الصندل إلى الياسمين، دون الأخذ في الاعتبار إذا كانت للرجال أو النساء ، و حضور قوي و أهمية و ثراء للتوابل و الأعشاب – من النعناع في الشاي إلى بذور الهيل في القهوة.
نور زكي: أنت عطرجي مستقل ، أي أنك لا تتبع أي شركة من شركات العطور التجارية الرئيسية. ما الذي تقوله عن أهمية و مزايا هذا الاستقلال؟
لورينزو فيلوريسي: الحرية. حرية التجربة و الخروج بمنتجات و عطور جديدة ، دون اتباع مسارات “أكاديمية” آمنة ، دون الحاجة إلى تقديم تقرير إلى أي شخص، و دون أن يقودها قسم التسويق. ونحن نعتقد أن كل بيت عطور حقيقي يريد أن يقدم فنا عطريا، سواء كان صغير أو كبير، وينبغي أن يكون على هذا الحال.
نور زكي: كثير من العطور تفتقر في الوقت الحاضر الشخصية، والثبات والفوحان- شيء يشكو منه كثير من عشاق العطور اليوم!
لورينزو فيلوريسي: ان عدم وجود شخصية في العطر، أقول أيضا الافتقار إلى الأصالة، يرجع إلى الافتقار إلى حرية التي أشرت إليها من قبل: فلو كنت أحد المدراء في شركة ضخمة متعددة الجنسيات لانتاج العطور، ما كنت لأجد حرية التجربة أو تسويق شيئا مختلفا عن الاتجاه السائد لحظة انتاج العطر . في السنوات الأخيرة اصبح انتاج عطر ثوري أو على الأقل مبتكر أمر نادر للغاية ، في حين أنه كان أكثر شيوعا بكثير قبل بضعة عقود . عندما يشكو عشاق العطور الحديثة أن معظم العطور لها “نفس الرائحة” ” فهم على حق ! أن معظم تلك العطور تتبع نفس الاتجاهات أو الموضة ، و في النهاية فهذه الشركات تخاطر بكون عطورها مشابهة جدا. و فيما يتعلق بالفوحان ، فإن فرض ميزانية قليلة على انتقاء المواد الداخلة في صناعة العطر و استثمار مبلغ كبير نسبيا من المال على الدعاية والإعلان يؤثر على جودة و تركيز عبير العطر نفسه. أما نحن فليس لدينا أي من المشاكل التي تواجهها شركات صناعة العطور الكبرى . على العكس من ذلك ، فكوننا بيت عطور صغير و مستقل، يجعلنا أحرار في اختيار أفكارنا و إلهاماتنا، حتى لو أنها ليست “عصرية ” ، فنحن نسعى دوما لتطويرها باستخدام أفضل المكونات نوعية مع تركيز عال، كما اخترنا للاستثمار في نوعية المنتج نفسه وليس في الترويج أو الدعاية.
نور زكي: لقد شاركت في إنشاء أكاديمية فن العطور – ما هو نطاق عمل هذه المؤسسة ، و هل لك أن تحدثنا أكثر عن دورك في هذه الأكاديمية؟
لورينزو فيلوريسي: أنا لم أشارك فقط، بل إن أكاديمية فن العطور، مشروعي الشخصي الذي تصورته قبل بضع سنوات ، و قد كرست له قدرا كبيرا من مالي و وقتي و مجهودي و هو الأن على وشك أن يرى النور في نفس المبنى التاريخي حيث الاتيليه الخاص بنا . أكاديمية فن العطور ستقوم بتنظيم دورات وحلقات دراسية عن جوانب كثيرة من فن صناعة العطور. سيكون هناك أيضا “متحف من الروائح ” : المكان الذي يمكن أن تجد فيه روائح عدة مئات من المكونات العطرية المختلفة و معرفة كل ما يمكن معرفته عنها. ومن ثم سيكون لدينا مكتبة و متجر للكتاب العطري ، وبعض مختبرات و كافتيريا و حديقة عطرية وأشياء أخرى كثيرة . كما سيتم إنشاء برامج خاصة للأطفال.
نور زكي: أنت مؤلف للعديد من الكتب حول العطور و مستخضرات العناية بالجسم و طقوس الجمال – ما مطالبتك لمعالجة العطور ليس فقط في الممارسة العملية، عن طريق خلق الروائح ، ولكن أيضا من الناحية النظرية ، من خلال كتاباتك؟
لورينزو فيلوريسي: المشكلة هي أنه لا توجد كتب معلوماتية جيدة عن العطور ، أو ربما بسبب عدم الترويج لها، إلى حد ما كذلك. و كان هناك عدد أقل قبل بضع سنوات عندما قررت أن أبدأ في الكتابة. عالم العطور واسع جدا ، ويمكن أن تتقاطع مع أي شيء تقريبا في مجال الثقافة مثل التاريخ وعلم الاجتماع و الأنثروبولوجيا والجغرافيا و الفلسفة والأدب و الأساطير ….. هناك الكثير أخطط للكتابة عنه ، فلم تكتب موسوعة سليمة عن العطور حتى الآن.
نور زكي: عطر “تون دينيج” هو على الارجح الاكثر شهرة ضمن خط العطور النسائية الخاص بكم، و المعشوق من قبل معظم عاشقات العطور في جميع أنحاء العالم . هل كنت تفكر في شخص معين عند إنشائه؟
لورينزو فيلوريسي: لا، لم يكون هناك شخص محدد بعينه. الإلهام هو نوع من الجمال و أجواء “بيل ايبوك” عندما كانت تستخدم السيدات مساحيق الجسم و الوجه المعطرة مثل مسحوق السوسن أو مسحوق الأرز للحصول على بشرة رقيقة بشكل خاص. تينت دو نيج هو التعبير الفرنسي المستخدم في ذلك الوقت لوصف هذا النوع من الجمال.
نور زكي: من فضلك قل لنا شيئا عن الخط الخاص بك من عطور الرجال، وخصوصا عطر “ومو” . ما هي في رأيك المكونات التي تشكل العطر الذكوري المتكامل؟
لورينزو فيلوريسي: نحن نعتبر معظم عطورنا صالحة للرجال و النساء، لكن هناك بعضها أكثر ملاءمة للرجال و بعضها أقل . من بين تلك التي أرى أنها أكثر مناسبة للرجال هناك ثيسيوس Theseus، مستوحاة من أسطور بطل يوناني قديم ، بيبر نيغرم، مستوحاة من درب التوابل التي تعبر الصحراء ، و كذلك العطور الخشبية نموذجية للرجال مثل الباتشولي أو الصندل . العائلة العطرية التي ترتبط تقليديا مع العطور الرجالية هي: الأخشاب الأروماتيك، والنغمات العطرية من الحمضيات و التوابل و التبغ والجلود . لدينا العطر “ومو” هو في الواقع يتألف من ثلاث من المجموعات الرئيسية “الذكورية” فهو مزيج من نغمات الحمضيات و عبير التوابل و النغمات العطرية الخشبية.
نور زكي: أي واحد من عطورك هو الأقرب إلى قلبك؟
لورينزو فيلوريسي: عطري العطر المفضل ، و الذي ارتيديه يوميا مازال “أومو” على هيئة عطر مركز.
نور زكي: هل هناك إمكانية للقراء العرب الشراء مباشرة من موقعكم على الانترنت و هل تشحنون الى منطقة الشرق الأوسط ؟
لورينزو فيلوريسي: نعم ، بالطبع! و هذا هو رابط الموقع (اضغط هنا)
نور زكي: شكرا جزيلا لك على وقتك و اهتماك.
لورينزو فيلوريسي: أشكركم على أسئلتك المثيرة للاهتمام. لقد كان من دواعي سروري.
هذه المقابلة مع العطرجي الإيطالي الشهير لورينزو فيلوريسي أجراها نور زكي عام 2014 على موقع عطر دوت إنفو (عطر دوت كوم حاليا)