عطر الذكريات
كنت أطالع حوار مع أحد أهم خبراء العطور و هو دومينيك روبيون و هو مبتكر للعديد من العطور الهامة مثل لانوي دو لوم من إيف سان لوران و أرماني مانيا لجورجيو أرماني و بيور بويزون من ديور و ألين من تيري موجلر و أيضاً كارنال فلاور و بورتريه أوف أليدي من فريديريك مال و قد إختتم اللقاء بعبارة : العطر دائماً ما يرتبط بذكرى مكان ما أو بزمان أو موقف معين أو بعلاقة عاطفية حميمة و غالباً ما يكون الإختيار الأخير.
سرحت في هذه العبارة و فكرت فيها فأنا أوافق عليها و لكن بها شيء في ذات الوقت أيضاً لا يوافقني و أظن أن السبب في ذلك إختلاف المجتمعات و الثقافات . فالخبير دومينيك روبيون ينتمي للثقافة الغربية التي تعطي الأولوية للماديات ثم يأتي بعد ذلك العائلة و حتى العلاقات العاطفية هناك متعددة فقد يكون المرء متزوجاً و لكنه يحتفظ في ذاكرته بالعديد من العلاقات من الماضي أما نحن في مجتمعاتنا الشرقية فلدينا إهتمام كبير بكيان العائلة و نعطي لها الإهتمام الأكبر رغم تأثرنا بالحضارة الغربية الحديثة التي بدأت في زعزعة هذه المباديء الراسخة بنا و نسأل الله أن يثبتنا و يهدينا. فغالباً ما تدور ذكرياتنا حول محور العائلة و الوالدين و طفولتنا أو طفولة أبنائنا أما علاقاتنا العاطفية فمحدودة فإما أن تكون واحدة فقط و مازالت مستمرة فلم تدخل بعد في نطاق الذكريات أو تحولت إلى ذكرى في حالات الإنفصال أو الفقد و هي ذكريات تحمل بعض الأسف أو الندم.
أردت أن أتعرف على رأي محبي العطور في هذا الامر فطرحته في سؤال على مجموعة عطر دوت إنفو على الفيسبوك و جاءت الإجابات متوافقة مع رأيي تماماً فإحتلت العطور التي تذكرهم بشخص غالي المركز الأول و قد تفضلوا مشكورين و متطوعين بذكر منزلة هذا الشخص فكان النصيب الأكبر لأحد الأبوين و خاصة الأب
أو الأخ كما شرحت لنا أختنا أنفاس الأمل” في حال سفره اتمسك بزجاجة عطره لأيام حتى أني أنام وهي بجانبي جزء من رائحته معي“
أو حتى معلمة الروضة كما ذكر أستاذ محمد السقا :” عطر المس التي كانت تعلمني رغم صغر سني إلا أني حتى الآن اتذكر رائحة العطر ونفسي اعرف اسمه “
ثم جاءت العطور التي تذكر بزمان و الموقف في المركز الثاني و أنا منهم و لكننا لم نقدم أي تفاصيل و أعتقد السبب في ذلك هو صعوبة شرح.
ثم بعد ذلك عطور ذكريات المكان التي إختارتها أختنا فاطمة صقر ” عطور عمتي و عمي يذكروني ببيت جدتي” كما إختار الأستاذ محمد حبيب ” عطر الجامعة” .
وأخيراً أحب أن أشاركم عطر ذكرياتي :
“عطر الذكريات هو عطر خاص بي لا يعرف مكوناته غيري و لا أستطيع وصفها لأن مكوناته لا توجد إلا في ذاكرتي أنا فقط هو خليط من روائح طفولتي ..رائحة الكتب الدراسية الجديدة ..رائحة الألوان الزيتية التي كانت ترسم بها أمي … رائحة حقائب سفر أبي عائداً من رحلة عمل و حاملاً لنا الهدايا … رائحة وجبة أكلتها مع أسرتي في النادي و انا طفلة و كنت في غاية السعادة …رائحة علبة الشيكولاتة التي نقدمها للزوار و الضيوف .. رائحة عطر أحد أقاربي الشباب الذي كنت أنظر إليه بإعجاب و أتمني أن أكبر لأصبح مثله … رائحة طبق تعده امي و لم أجد مثل مذاقه غير عندها… رائحة باقة من زهور البازلاء يهديها لي والدي كل ربيع كنت اتأملها كثيراً لأن ألوانها كانت تتكون من جميع الدرجات ما بين الأبيض إلى النبيذي الغامق . رائحة منازل أقاربي الذي ينفرد كل منزل منهم بعبق خاص ..رائحة صندوق كنت أربي فيه دودة الحرير و رائحة صابون ليموني فواح كان يفضله والدي ..رائحة دواء كان يصفه لي الطبيب مراراً عندما أصاب بالبرد و الحمى و رائحة شجرة ياسمين في شرفتنا كنت الراعي الرسمي لها في منزلنا أسقيها و أجمع زهورها ..و رائحة تبغ كان يحتفظ به والدي في درج مكتبه ولا يستهلكه إلا كل حين . الكثير من الروائح التي لا أستطيع تذكرها و لكن عندما أصادف إحداها أقف عندها و أعود إلى الزمن التي كنت أشمها فيه و أقف سارحة غارقة في الأفكار”
و ننتظر أن شاركونا بذكرياتكم العطرة . شيماء
عطور الذكريات والحنين للماضي في زمن الطفولة وخاصة بعد وصول قطار العمر لزمن النضوج او الشيخوخة.. رائحة الريحان علي جوانب الترع ورائحة الياسمين والفل في حديقة جارنا ورائحة الورد البلدي عندما زرعته في حديقة خالتي عليها رحمة الله.. فاليت الزمان يعود يوما.. شكرا علي مقالك والذكريات التي بعثتيها فينا من جديد
شكرا أخت شيماء على هذا المقال الرائع و هذه الرحلة المشوقة في عالم الذمريات العطرة، و أنا أقرأ هذه السطور و دون أن أشعر، بدأت في نسج كل تلك المةاقف المكورة داخل مخيلتي الضيقة، و أتخيل تلك الروائح المذكورة و التي يحتفظ كل منا و لو بشيئ منها، أما بالنسبة لي، فروائح الذكريات التي لا زالت عالقة في ذهني، فرائحة جدي رحمة الله عليه، و هي رائحة الكولونيا الكستعملة عند الحلاق ممزوحة برائحة ثوب الجلابة المغربية، فلا زلت اتذكرها و طانها بالأمس، و رائحة والدي الذي كان يتعطر بعطر لابديس، و إذا ذكر عطر كوروس فذلك يعني عطر عمي، كل هذا ناهيك عن رائحة الكتب الدراسية و يعض حلويات الطفولة إلى اخره، أما بالنسبة للعطر الذي يذكرني بذكرياتي الخاصة رغم أنها ليست بالذكريات البعيدة، فهو عطر بلو دو شانيل ماء تزيين، كلما استنشقت عبير هذا العطر إلا و رجع بي الزمن ست سنوات إلى الوراء، أيام كنت أدرس في المعهد و كان العطر حديث العهد حينها، فعبير هذا العطر يخمل في طياته واحدة من أجمل المراحل في حياتي و يعتبر عطر خاص بالنسبة لي، رغم أني استعملت قبله عطور كثيرة.
و في الأخير أود أن أقول بأني أوافق دومينيك روبيون في أن هناك يكون أكثر من مجرد عطر، و لكن يكون ذكرى أو موقف او شخص.
تقبلوا تحياتي الخالصة.
أعتذر على كثرة الأخطاء بسبب السرعة في الكتابة، تقبلوا اعتذاري مشكورين.
اتفق معك للعطور ذكرى خاصة بالكينونة تذكرنا بالاشخاص والاماكن حاملة معها اجمل الذكريات … احسنت اختى
تسلمي اخت شيماء
والله فعلا سرحت بالفكر كثيرا لايام زمان.. ايام اول. ايام الزمن الجميل.. ايام الطفوله
رائحة النساء كبيرات السن ممن اعرفهم كأقارب كانوا او جيران… لازلت اشتمها بمجرد تذكرهم
ليست روائح فانيلا ولا فيتيفير ولا تيوبيروز ولا حتى ورد
لكنها روائح مختلطه بين الحنا وبعض الشجيرات العطريه التي لا توجد بأي عطر صُنع..
لذا من المستحيل ان اشتمها مرة اخرى
لتبقى رائحة لا يمحوها الزمن.. ولا يستبدلها دومنيك او غيره بأجمل منها
اشكرا شيماء على مجهوداتك الرائعه فعلا