توم فورد ثورة في عالم العطور

توم فورد ثورة في عالم العطور

الموهبة المصقولة بالمعرفة، والطموح الجارف كالطوفان، والرغبة التي لاتحدها حدود في إكتشاف كلُ ماهو جديد وتقديمهُ بصورة أكثر جمالاً وحداثة، هذهِ الصفات أجدُها أكثر مايُميز شخصية توم فورد المتوشحة بالسواد والغموض، والشغوفه بالعمل الدؤوب والإبداع المتواصل.

أحدث توم فورد وبحق ثورة في عالم العطور الحديثة، ذلك العالم الذي كان منغلقاً على نفسه لفترةٍ طويلة من الزمن، بإتباعه طُرقاً تقليديه في التعامل قد عفا عليها الزمن، وإصدارات مكررة لم تعد تلبي حاجة محبي ومتذوقي العطور حول العالم، خصوصاً مع التحولات التكنولوجية السريعة في وسائل الإتصال والتواصل الإجتماعي، فكسر الأبواب الموصدة بمهارة وجسارة يُحسد عليها، واخرج لنا أيقونات عطرية تركت بصمتها بشكل قد لايتكرر لاحقاً، وسوف تبقى في ذاكرة عشاقها لفترات طويلة.

أينما حَلَّ وأرتحل يَحلُ النجاح معهُ، ولاننسى دُور الأزياء التي عمل فيها في بداياته، والتي كانت تُعاني من الإفلاس، لولا لَمَساتهُ الإبداعية التي أعادتها وبقوة الى المنافسة في السوق.

لم يكن هو أول من أستخدم أو أخترعَ نوتة العود في العطور، ولكنهُ أنتزع الإعجاب عندما طرحت دار إيف سان لوران عطر M7 الشهير الذي أحدثَ دوياً وصخباً بين نقاد ومحبي العطور و لايزال صداهُ يتردد حتى يومنا هذا، وفتح باباً لدخول كبار دور العطور لإصدارات العود التي غزت السوق. ذاك العطر الذي كان يقف خلف فكرته توم فورد أثناء عمله في تلك الدار.

ولم يكن هو أول من أكتشف خط الخلطات الخاصة والحصرية في عام 2007، فقد سبقهُ بذلك المصمم جورجيو أرماني عندما طرح مجموعتهُ الشرقية الخاصة في عام 2004، إلا انها لم تكن تحظى بتغطية إعلامية ترتقي الى مستوى الحدث، ولم يُكتب لها النجاح الكافي… إلا فيما بعد.

ولكنهُ عندما طَرَحَ مجموعتهُ الخاصة، أحدثت إنقلاباً على المفاهيم السائدة في وقتها، وثورة كبيرة مابين الأوساط والنُخب العطرية لأسبابٍ عديدة منها:

• جاءت هذهِ المجموعة بعطور غير مكررة أو تقليدية، علاوةً على إنها نقية المكونات وتمتاز بالثبات والفوحان المقبول جداً.
•ولكن النقطة المهمة في سبب النجاح هو إنهُ وعلى غير العادة لم يسبق للجميع أن إعتادوا على طرح مجموعة بهذهِ الكمية المكونة من حوالي ثمانية عطور مرةً واحدة. فكانت هذهِ المفاجأة غير مُتوقعة لِأغلب المتابعين والنقاد وقد نجحَ فيهما أي نجاح.

هذا المصمم البارع للأزياء والاكسسوارات لم يكن هو العطرجي الذي يقف خلف كل هذه العطور التي أصدرها، وإنما هو من كان مصدر فكرتها ومبعث إلهامُها، ومن يقف خلفَ قصتها وأخراجها، لتصلنا بهذا الشكل الأنيق، شأنهُ شأن الكثير من دور العطور الاخرى مثل كليان و فريدريك مال وأخرين حذوا حذوه.
النجاح تلو النجاح أخذَ يتحقق، وعاماً بعد عام أخذت خطواته تترسخ وتتوطد، لدرجة جعلت الجميع يقف مذهولاً امام إنجازاتهُ الضخمة التي أخرَست الكثير مِمَنْ سبقوه في هذا المضمار ممن لهم تأريخٌ طويل، وجعلتهم بعد ذلك يفكرون ويتسائلون ماذا عساهم أن يفعلون، أمام حصانٌ جامح لايمكن الوقوف أمام قوة حوافره وعنفوان صهيله.
لِذا…لم يتبقى للمتربصين والمتصيدين في المياه العكرة غير طريق واحد هو: التقليد الأعمى، والإقتباس، والاستنساخ، والإستمساخ، والقص واللصق، والتعكز على نجاح عطور تلك المجموعة الحصرية، أما من خلال إستغلالهم لتشابه أسماء العطور، أو تقليد الرائحة، أو بإصدار مجموعات تحت مسمى الخط الخاص، ليحققوا بعض المكاسب المادية بعد أن وقفوا عاجزين عن مجاراته.

وعلى الرغم من الجدل الذي يُثار بين الفينةِ والأخرى حول عطوره بسبب إختلاف الأذواق والأجواء، إلا أن هذا لايمنع أبداً مِن الإشادة بالعمل الجبار الذي قام بهِ في هذا المجال والذي يُحسب لَهُ بأنهُ قد فتح الباب على مصراعيه في وجه دور العطور التي ولِدَت حديثاً، حتى اصبح عددها يفوق عدد النجوم في السماء .

مع خالص الحب والإمتنان. الساعدي